أصواتٌ في الخلفيّة | نصوص شعريّة

Phexere

 

«أصواتٌ في الخلفيّة»، عنوان مجموعة شعريّة لمحمود أبو عريشة، صادرة حديثًا بصيغة إلكترونيّة، متاحة للتحميل عبر الموقع الرسميّ للشاعر.

تمثّل المجموعة التجربة الشعريّة الأخيرة للشاعر، وهي تتخلّل فصلين: «ورطة العيش» و«شمس أمّي وأبي».

*****

 

أصواتٌ في الخلفيّة

 

(1)

جاء أبونا

رمى لنا الكرة الأرضيّة في الكون

وقال: العبوا

 

ومنذ ذلك الحين

لم نكبر

 

حين تبدأ الدماء تسيل والأرواح تزهق ننتقل إلى لعبةٍ أخرى:

الغمّيضة

 

وعندما ننتهي من اللعب

نسكن إلى ليل أبينا كأطفالٍ يتسرّبون

إلى أسرّة والديهم

 

وإذ يصحون

لا يجدونهما في المنزل

 

من جديدٍ

تكون لعبة الحرب

قد بدأت

 

(2)

أعطاني أبي طوله

كتفيه، ساقيه الرفيعتين،

وشعره الأبيض

وأعطتني أمي عيونَها

وعيونها

مصوّبة

نحو

 

الطنطورة

 

(3)

لم ينل منّا التهجير

وفوّت الرصاص قلوبنا

رأينا الضوء من خلال عيوننا المغمضة

وانبثقنا كالنور إلى حيث نبض الفَلَاحُ ونودي للحياة

 

كبرنا بعيونٍ مفتوحة

تدفعنا

أصواتٌ في الخلفيّة

 

أصواتٌ

لم تسكن

مذ ظفر بها الزناد وتجرّأت عليها

يد «الإيتْسِلْ»

 

(4)

الطفل الّذي

يجري خارجًا من الدكّان

بكيس حلويّاتٍ

وضحكةٍ

نمت في يده مجرفة

وعلى جلده شبّ الإسمنت والسياج

وارتفع في وجهه

جدار

 

(5)

إسرائيل بأسنانها البيضاء وبشرتها السحناء وعيونها الّتي تضيء في الليل

وأنا بعتمتي العتيقة وشموعي المطفأة

 

إسرائيل بهويّتها الزرقاء وأنا بقهوتي المرّة

بحرس حدودها وبحدودي المطلقة

 

أسكن بين حبّات الهيل

ولا أتحكّم بدرجة غلياني

لكنّي... أفور قبل أن تشربني

الأرض

 

(6)

سمّاعة الهاتف تهبط إلى نومي

تندلع منها الحرب وتخرق الأصوات هدنتها:

1. على مدخل خُزاعَة تركنا أختي المقعدة وهربنا

2. عندما استراحت النار جمعناها شلوةً شلوة

3. أقدامنا الّتي هرولت بنا هل كانت هي الّتي تدفعنا حقًّا؟

ربّما يا أخي لكن

هلّا أقفلت الآن

وخرجت من نومي المتقطّع؟

 

(7)

هذا المكان أضيق من انفعالاته

هذا الهواء يحمل ما لا يطيق

المصابيح أضعف من ضوئها

والطرقات لا تقود إلى مكان

لنطفئ النار تحت القهوة

ونذهب

 

(8)

هذا المكان جذع زيتونةٍ طيّبة

الحبّ البريّ الّذي إذا

لامس آلمَ وإذا جفا جرح

هذا المكان جحيمي الشخصيّ

وأحزن على الّذين فقدوا جحيمهم

لنشعل النار تحت القهوة

ونرقص

 

(9)

ترقد القهوة على النار

يسرح الخيل في البراري البعيدة

يميل الغصن ملمترًا واحدًا نحو السماء

تقطع شاحنةٌ شارعًا مقفرًا

تنبلج روح المكان

نشوةٌ، ضوءٌ خفيف

ضوءٌ يتكاثر، يزداد

ضوءٌ يتراكم على

الجثّة

حلب.

 

 

تسمية

 

 

شاعر فلسطينيّ من مواليد الفريديس، قضاء حيفا، عام 1988، يعيش في مدينة يافا. حاصل على الماجستير في القانون، وكذلك في دراسات اللغة العربيّة، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان، والمجال الثقافيّ. يدير «مسرح السرايا العربيّ – يافا». صدرت مجموعته الشعريّة الأولى «كلمات ذات رائحة كريهة» عام 2012 في بيروت، ومجموعتاه الأخيرتان «لنأكّل تفاحتنا معًا» و«أصوات في الخلفيّة» بصيغة إلكترونيّة عام 2020.